إذا استشعر الزوجان أن مكانتهما نشأت امتثالا لشرع الله تعالى، وأن قيامهما بدورهما خير قيامٍ عبودية ٌ لله تعالى، فإن هذا أعظم معين على قيام الزواج واستمراره وتحمل تبعاته.
وإذا اهتم الزوجان منذ بداية حياتهما ببناء علاقة سليمة ومتينة أساسها تقوى الله وحسن الخلق، وغايتها التعبد لله تعالى بهذه العلاقة، فسيرضيهما الله ويرزقهما الأنس والسعادة والراحة والانسجام.
واستحضار أمر التعبد لله عز وجل في الحياة الزوجية هو في الحقيقة أساس جوهري كفيل بأن يغسل كل ما يأتي وراءه من مشاحنات واعتراضات ومنازعات تتعلق بالتقصير والإهمال الذي يحصل بين الزوجين في بعض الجوانب الحياتية.
وللأسف فإنّ غياب معنى التعبد لله تعالى يفضي إلى كثرة المشاحنات من أصغر المشكلات العارضة وما زيادة نسب الطلاق إلا دليل حصول التساهل في هذا الباب.
ولاحظوا كيف يحضر هذا المعنى كثيرا عندنا نحن النساء لما نعد -مثلا-مائدة الإفطار في شهر رمضان، وكيف تتغير نفسياتنا مع ما في ذلك من جهد تبعا لذلك.
كيف لو أننا في حياتنا الزوجية كنا مستحضرين دائما هذا المعنى ألا يغير ذلك في شعورنا ونفسياتنا ويجعلنا لا نلتفت للمنغصات الصغيرة الطارئة معها؟
ألن يظهر الفارق الكبير بين شعور من قامت بهذا العمل على جهة التعبد لله وبين من قامت بهذا العمل بدون استحضار هذه النية؟!
روى الإمام أحمد عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا صلَّت المرأةُ خمسَها وصامت شهرَها وحفِظت فرجَها وأطاعت زوجَها قيل لها ادخُلي الجنَّةَ من أيِّ أبوابِ الجنَّةِ شئتِ".
وكذلك الحال بالنسبة للزوج، كيف سيكون شعور الزوج لو استشعر أن هذه النفقة التي ينفقها على بيته وأهله أعظم وأفضل من الصدقة على الفقراء والمساكين؟
كم سيتغير شعوره ويتحسن أداؤه، وهو يستحضر هذا المعنى؟
روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دينارٌ أنفقْتَهُ في سبيلِ اللهِ، ودينارٌ أنفقتَهُ في رقَبَةٍ، ودينارٌ تصدقْتَ بِهِ على مسكينٍ، ودينارٌ أنفقتَهُ على أهلِكَ، أعظمُهما أجرًا الذي أنفقْتَهُ على أهلِكَ".
إذا عرف الزوجان أنهما بمقدار سعيهما في إنجاح الحياة الزوجية فإنهما يتعبدان الله تعالى فإنّ هذا التعبد لله تعالى الذي يسعيان إليه يجعلهما يتنافسان في أن يكونا على قدر جيد من العناية والاهتمام بالشريك والقيام على وفق ما يرضي الله تعالى فإذا حصل هذا منهما فإن المشكلات الزوجية التي يمران بها لن تؤثر على استقرارهما ما دام المبدأ الذي يسيران عليه هو التعبد لله تعالى؛ فمن كان أساس قيامه بهذا الدور التعبد لله فإن المشكلات التي تمر عليه لا تغيره إلا للأفضل والحياة الزوجية هي جزء من الحياة الدنيا وسوف تكسبه القدر الكبير من الصبر والمرونة والتحمل والتغاضي والتغافل والتجاوز عن الزلات ابتغاء لمرضات الله تعالى.
#د_إيمان_العسيري
Mostrar más ...