هذا هو المنشور الذي أُكرره لإخواني من مُحبّي العلم الذين يسألون بعض سُبُل التحوّل من مُجرّد مُثقّف إلى طريق التخصص و التفوّق
أقولُ مُستعينًا بالله تعالى :
قال ابنُ عطيَّة
في مقدّمة تفسيره
بعد أن ذكر أن العلم فنون، وأن على من تشوَّق للتحصيل أن يأخذ من كل علم بطرف قال:
(ثمَّ رأيتُ أن من الواجب على من احتبى، وتخيَّرَ من العلوم واجتبى، أن يعتمد على علم من علوم الشرع:
يستنفد فيه غاية الوسع
يجوب آفاقه
ويتتبع أعماقه
ويضبط أصوله
ويحكم فصوله
ويلخص ما هو منه، أو يؤول إليه
ويفي بدفع الاعتراضات عليه = حتى يكون لأهل ذلك العلم كالحصن المشيد، والذخر العتيد، يستندون إليه في أقواله، ويحتذون على مثاله)
للطلّاب الذين يدرسون منذ مُدّة و يُطالعون علوما متنوعة و صار لهم أرضيّة أُفقيّة
كثيرٌ جدا منهم يشتكي:
نقضي وقتا طويلا في مذاكرة الكتاب أو المادّة و مع ذلك لا تثبت المعلومات
لا نشعر أننا استوعبنا المادة ، لا نظنّ أننا يمكننا حتى استحضار أبواب المادة ،و لا مسائلها و لا فروعها فضلا عن حُسن عرضها و تدريسها و تفصيلها !!!
# سأنصحُك في هذا السياق بنصيحة واحدة( في نقاط) تنطلقُ منها إن شاء الله :
من الطرق الخطأ في تحصيل العلوم أو قراءة الكتب : توزيع الوقت المخصص للطلب في أكثر من مادّة أو أكثر من كتاب في فنون مختلفة ،فهذا أحد أخصّ أسباب التشتُّت و عدم استيعاب العلم فضلا عن ثبات المعلومات ..
{ ما دُمتَ قد مررتَ على مقدمات العلوم و قرأت في كل علم كتابًا مختصرا أو كتابين ،و صار عندك ثقافة عامّة = فإني أنصحك هذه النصيحة
# خلاصة هذه النصيحة :
- التركيز و حصر الجُهد و الوقت المقطوع للطلب
في باب واحد من العلم ##( على الأقلّ لمدة عام )
و لا تُشتت نفسك بين مجموعة علوم و مجموعة كتب في فنون مختلفة ،تقرأ في كل كتاب نصف ساعة ثم تتركه و تدخل في كتاب آخر نصف ساعة وهكذا !!
شويّة سيرة و تاريخ ،على حبّة حديث،على مسألة فقهيّة ،على كتاب في الفكر… وهكذا !!!
و الصحيح في رأيي: اجتماع الهِمة و الوقت في علم واحد ( قراء و مطالعة و دروس و محاضرات و مناقشات و سماع و مرئيات ) كلُه حول نفس العلم
فهذا خليقٌ أن يُثبّت العلم في قلبك إن شاء الله
فتُعطي كلّ علم مُدة تمشي فيه وحده لمدّة لا تقل عن سنة
ثم تنتقل لغيره و هكذا
#المقترَح
من خلال النقاط التالية :
الاستعانة بالله و كثرة دعائه و رجائه ،و قصد الخير ،و العمل و نفع الناس
و مجاهدة النفس على نواياها الفاسدة كقصد :الفخر و التعالي و البغي بالعلم و غير ذلك…
#المقدمة الأولى: أنت تحتاج في كل علم تريد دراسته و إتقانه إلى أمورٍ أساسية :
معرفة :
-أبواب العلم ( الأبواب الأساسية تحت العلم الذي تريد دراسته دراسة تفصيلية ) مثلا: {علوم الحديث فيها} أبوابها الأساسيّة : (نشأة العلم ،و الدراسة النظرية/ مصطلح الحديث، و علم الجرح و التعديل ،و علم علل الحديث، و مصادر تدوين الحديث ،و التخريج و دراسة الأحاديث و تحقيقها ،و فقه الحديث )
فهذه أبواب رئيسة تحت مادة علوم الحديث
مثال آخر : أصول الفقه ،تحتها أبواب رئيسة : ( نشأة العلم و تطوره و علاقته بعلمي المنطق و الكلام و المسائل المشتركة بينه و بين العلوم الأخرى كالعقيدة،و الحكم الشرعي،و الأدلة ،و الاستدلال و الاستنباط ،و الاجتهاد و التقليد )
و هكذا تحتاج تعرف في كل علم : ما هي أبوابه الأساسية بشكلٍ عام .
ثانيا ،معرفة أهم المسائل المبحوثة تحت كل باب من تلك الأبواب الأساسية
مثلا : من أبواب العقيدة الأساسية : الإيمان و الكفر
فأنت تحتاج أن تحصر أهم و أخص المسائل المبحوثة تحت هذا الباب
فستجد أنها : ( معنى الإيمان،علاقة العمل بالإيمان ، زيادة الإيمان و نقصانه ،العلاقة بين الإسلام و الإيمان ، مراتب الإيمان،شُعب الإيمان،الاستثناء في الإيمان، حُكم المسلم الذي ارتكب كبيرة دون الشرك و لم يتُب منها و مات عليها… و غير ذلك من مسائل ..
فأنت تحتاج أن تبقى عارفا بجُملة المسائل تحت كل باب
{ أمّا خطوات دراسة و بحث تلك المسائل ،و طريقة المذاكرة = فسأتكلم عنها في منشور مستقل إن شاء الله }
تحتاج كذلك إلى معرفة : الفروع الكبيرة التي تُلحق بالعلم الذي تدرسه ،و التي صارت كأنها علم مستقل
مثلا علم أصول الفقه تحته فروعٌ صارت كأنها علمٌ مستقل مثل :
(المنطق ،فقه الخلاف، الفتوى،القواعد الفقهية،مقاصد الشريعة ،النوازل ) و غيرها
#
#فائدة معرفة أبواب العلم و مسائله و فروعه = مهمة جدا
بحيث تعرف:
- ماذا يجب عليك دراسته ؟
-ماذا حصّلتَ منه؟
- ماذا ينقصك من الأبواب و المسائل و الفروع ؟
و من لم يعرف ذلك سيظنّ - مثلا-أنه لمجرد دراسته لكتاب التوحيد و الواسطية - مع شرح أو شرحين - أنه أحكَم كل مسائل العقيدة ،بل بعضهم ظنّ نفسه متخصصا فيها
و ذلك الوهم و أشباهه سيتحطم عندما يقرأ فقط في : أبواب و مسائل و فروع العلم
فيعرف أنه إنما مشى في طريق العقيدة بعضَ خُطوة
ادامه مطلب ...